فيما لا ينفعنى وأمر له بعشرة آلاف درهم. فلمّا انتهى إلى باب القصر نثرها فى الناس حتى أتى عليها، فبلغ ذلك كسرى فغضب وقال له: ما الذى حملك على استخفافك بصلتى حتى نثرتها فى الناس؟ قال: ما أصنع بالمال وتراب أرضى ذهب وفضّة! ثم خنقته العبرة، فرقّ له كسرى ووعده بالانتصار له، فأشار عليه بعض وزرائه فقال: إنّ فى سجونك بشرا كثيرا ممن استوجب القتل، فمر بإطلاقهم، وقوّهم بالمال والكراع «١» والسّلاح، ووجهّهم مع هذا العربىّ، فإن ظفروا كان ذلك زيادة فى ملكك، وإن قتلوا كان ذلك جزاء عن جرائمهم. فأعجب كسرى هذا الرأى وعمل به وقدّم عليهم وهرز بن كامخان، وكان من فرسان العجم وأهل البيوتات، وقد أناف على المائة من السنين، وكانت عدّتهم ثلاثة آلاف وستمائة رجل، فركبوا البحر فى سبع سفن، وأرسل سيف إلى اليمن ومخاليفها، فأتوه من أقاصى اليمن وأدانيها حتى صاروا فى عشرين ألفا، وتجهّز إليهم مسروق، فلمّا التقيا قال وهرز لسيف:
أرنى ملكهم، فأراه إيّاه؛ وهو على فيل وعلى رأسه التاج وفيه ياقوتة حمراء مدلّاة على جبينه، فلبث ساعة ثم تحوّل إلى فرس ثم تحوّل إلى بغلة، فقال وهرز: ذلّ الأسود وباد ملكه، وأنا أرميه فتأمّل الرّمية، فإن رأيت أصحابه تصدّعوا عنه وحاصوا «٢» يمينا وشمالا فاعلم أنّى قتلته، وإن لم يتحرّكوا من منازلهم فلم أصنع شيئا؛ ورماه، ففلق السهم الياقوتة نصفين وخرج من مؤخّر رأس مسروق، واضطربت الحبشة وماجوا، وحمل عليهم وهرز ومن معه والعرب فولّوا منهزمين، ودخلوا صنعاء وقتلوا كلّ أسود يوجد فى اليمن. وكتب وهرز إلى كسرى بالفتح، فكتب