للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن معدّا لا تنام عن مكرها، وأمرتك أن تخالفه فعصيتنى. قال: فما تريد؟ قال:

ألّا تأتيك فائدة من ملكك ولا أرضك إلّا عرضتها علىّ، ففعل. وكان عدىّ بن أوس كثير المال، فلم يمرّ به يوم إلّا بعث فيه الى النعمان هديّة أو تحفة. فلمّا توالى ذلك وكثرت هداياه عند النعمان صار من أكرم الناس عليه، وصار لا يقضى فى ملكه شيئا إلّا برأى عدىّ بن أوس. فلمّا رأى من يطيف بالنعمان منزلة ابن أوس عنده تابعوه ولزموه؛ فكان يقول لمن يثق به من أصحاب النعمان: إذا رأيتمونى أذكر عدىّ بن زيد عند الملك بخير فقولوا: إنه لكما يقول ولكنّه لا يسلّم عليه أحد، وإنه يقول: إن الملك- يعنى النعمان- إنما هو عامله، وإنه هو الذى ولّاه ما ولّاه.

فلم يزالوا بهذا وأشباهه حتى أضغنوا النعمان عليه. ثم إنهم كتبوا كتابا عن عدىّ الى قهرمان «١» كان له، ودسّوا من أخذ الكتاب وأتى به النعمان فقرأه فغضب، وأرسل إلى عدىّ بن زيد يقول: عزمت عليك إلّا زرتنى فإنى قد اشتقت إليك، وكان عند كسرى، فاستأذنه فى زيارة النعمان فأذن له، فلمّا أتاه لم ينظر إليه حتى حبسه، فجعل يقول الشعر ويستعطفه به، فكان مما قاله:

أبلغ النّعمان عنّى مألكا «٢» ... إنه قد طال حبسى وانتظارى

لو بغير الماء حلقى شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصارى «٣»