نصالح القوم على شىء [أو نرضيهم بدية «١» ] . فخرج رياح رديفا «٢» لرجل من بنى كلاب، وهما يظنّان أنهما قد خالفا وجهة القوم؛ فمرّ صرد «٣» على رءوسهما فصرصر، فما راعهما إلّا خيل بنى عبس، فقال الكلابىّ لرياح: انحدر من خلفى والتمس نفقا فى الأرض فإنى شاغل القوم عنك، فانحدر رياح من عجز الجمل حتى أتى ضفّة «٤» فاحتفر تحتها مثل مكان الأرنب وولج فيه، ومضى صاحبه، فسألوه فقال: هذه غنىّ جامعة، وقد استمكنتم منهم، فصدّقوه وخلّوا سبيله، فلمّا ولّى رأوا مركب الرجل خلفه فقالوا: من الذى كان خلفك؟ فقال: لا كذب! رياح بن الأشلّ، وهو فى أولئك الصّعدات «٥» . فقال الحصينان لمن معهما: قد مكّننا الله من ثأرنا ولا نريد أن يشركنا فيه أحد، فوقفوا عنهما، ومضيا فجعلا يريغان رياحا بين الصّعدات، فقال لهما: هذا غزالكما الذى تريغانه، فابتدراه فرمى أحدهما بسهم فأقصده «٦» ، فطعنه الآخر فأخطأه، ومرّت به الفرس، فاستدبره رياح بسهم فقتله ثم أتى قومه. ففى ذلك يقول الكميت بن زيد الأسدىّ، وكانت له أمّان من غنىّ:
أنا ابن غنىّ والداى كلاهما ... لأمّين منهم فى الفروع وفى الأصل