تدخل شعب جبلة فتقاتل القوم [دونها «١» ] من وجه واحد، فإنهم داخلون عليك الشّعب، وإنّ لقيطا رجل فيه طيش فسيقتحم عليك الجبل، فأرى أن تأمر بالإبل فلا ترعى ولا تسقى وتعقل، ثم تجعل الذرارى وراء ظهورنا وتأمر بالرجّالة فتأخذ بأذناب الإبل، فإذا دخلوا علينا الشّعب حلّت الرجّالة عقل الإبل ثم لزمت أذنابها فإنها تنحدر عليهم وتحنّ الى مراعيها ووردها، ولا يردّ وجوهها شىء، ويخرج الفرسان فى أثر الرجّالة الذين خلف الإبل فإنها تحطّم ما لقيت وتقبل عليهم الخيل وقد حطّموا من عل. فقال الأحوص: نعم ما رأيت وأخذ برأيه، وكان مع بنى عامر يومئذ بنو عبس، وغنىّ فى بنى كلاب، وباهلة فى بنى صعب، والأبناء أبناء صعصعة. وكان رهط المعقّر البارقّى يومئذ فى بنى نمير بن عامر، وكانت قبائل بجيلة كلّها فيهم غير قيس.
قال أبو عبيدة: وأقبل لقيط والملوك ومن معهم فوجدوا بنى عامر قد دخلوا شعب جبلة فنزلوا على فمه، فقال لهم رجل من بنى أسد: خذوا عليهم فم الشّعب حتى يعطشوا ويجوعوا، فأتوا حتى دخلوا عليهم الشّعب، وكانوا قد عقلوا الإبل [وعطّشوها «٢» ] ثلاثة أخماس، وذلك اثنتا عشرة ليلة لم تطعم شيئا، فلمّا دنوا حلّوا عقلها فأقبلت تهوى، فظنّ القوم عند ذلك أنّ الشّعب قد هدّ عليهم، والرجّالة فى آثارها آخذين بأذنابها فدقّت كلّما لقيت، فانهزموا لا يلوون على أحد، وقتل لقيط وأسر حاجب بن زرارة، أسره ذو الرّقيبة، وأسر سنان بن أبى حارثة المرّىّ أسره عروة الرحّال، فجزّ ناصيته وأطلقه، وأسر عمرو بن أبى عمرو بن عدس، أسره قيس بن المنتفق، فجزّ ناصيته وخلّاه طمعا فى المكافأة فلم يفعل، وقتل معاوية بن