للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنحت آخر بعده جيّاشة ... نجلاء فاغرة كشدق الأضجم

ولقد شفعتهما بآخر ثالث ... وأبى الفرار لى الغداة تكّرمى

ثم لم تلبث بنو كنانة «١» أن أغارت على بنى جشم «٢» ، فقتلوا وأسروا دريد بن الصّمّة فأخفى نفسه، فبينما هو عندهم محبوس إذ جاءه نسوة تتهادين إليه، فصرخت إحداهنّ وقالت: هلكتم وأهلكتم! ماذا جرّ علينا قومنا! هذا والله الذى أعطى ربيعة رمحه يوم الظّعينة! ثم ألقت عليه ثوبها وقالت: يا آل فراس، أنا جارة له منكم، هذا صاحبنا يوم الوادى! فسألوه: من هو؟ فقال: أنا دريد بن الصّمّة فمن صاحبى؟ قالوا: ربيعة بن مكدّم، قال: فما فعل؟ قالوا: قتلته بنو سليم! قال: فما فعلت الظّعينة؟ قالت المرأة: أنا هيه، وأنا امرأته، فحبسه القوم وآمروا أنفسهم، فقال بعضهم: لا ينبغى لدريد أن تكفر نعمته على صاحبنا! وقال آخرون:

والله لا يخرج من أيدينا إلّا برضا المخارق الذى أسره، فانبعثت المرأة فى الليل، وهى ريطة بنت جذل الطّعان، تقول:

سنجزى دريدا عن ربيعة نعمة ... وكلّ امرئ يجزى بما كان قدّما

فإن كان خيرا كان خيرا جزاؤه ... وإن كان شرّا كان شرّا مذمّما

سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة ... بإعطائه الرّمح الطويل المقوّما

[فقد أدركت كفّاه فينا جزاءه ... وأهل بأن يجزى الذى كان أنعما «٣» ]

فلا تكفروه حقّ نعماه فيكم ... ولا تركبوا تلك التى تملأ الفما

فلو كان حيّا لم يضق بثوابه ... ذراعا غنيا كان أو كان معدما