أن جعل له من فدائه جعلا، فتركه الأهتم عند امرأته العبشميّة، فأعجبها جماله وكمال خلقته، وكان عصمة الذى أسره غلاما نحيفا، فقالت له: من أنت؟ قال:
أنا سيّد القوم، فضحكت وقالت: قبّحك الله سيّد قوم حين أسرك مثل هذا، ففى ذلك يقول عبد يغوث:
وتضحك منّى شيخة عبشمية ... كأن لم ترى «١» قبلى أسيرا يمانيا
فآجتمعت الرّباب الى الأهتم وقالت: ثأرنا عندك، وقد قتل مصاد والنعمان فأخرجه إلينا، فأبى الأهتم أن يخرجه إليهم، فكاد أن يكون بين الحيّين: الرّباب وسعد، فتنة حتى أقبل قيس بن عاص المنقرىّ فقال: أيؤتى قطع حلف الرّباب من قبلنا؟ فضرب فاه بقوس فهتّمه، فسمّى الأهتم، فقال الأهتم: إنما دفعه إلى عصمة ابن أبير، ولا أدفعه إلّا لمن دفعه إلىّ، فليجئ فيأخذه، فأتوا عصمة فقالوا:
يا عصمة، قتل سيّدنا النعمان وفارسنا مصاد، وثأرنا أسيرك، فما كان ينبغى لك أن تستحييه! فقال: إنى ممعل وقد أصبت الغنى، ولا تطيب نفسى على أسيرى، فاشتراه بنو جسّاس بمائة بعير، فدفعه إليهم، فخشوا أن يهجوهم، فشدّوا على لسانه نسعة، فقال: إنكم قاتلى لا محالة، فدعونى أذمّ أصحابى وأنوح على نفسى! فقالوا: إنك شاعر ونخاف أن تهجونا، فعقد لهم ألّا يفعل، فأطلقوا لسانه، فقال قصيدته التى أوّلها: