وقد اعتذر القائلون هذا القول عنه بأعذار، وأقاموا أدلة على أنه ليس يسقاح ولا من أمر الجاهلية. وفى أعذارهم وأدلّتهم بعض تكلّف. وقد حصل الظفر- ولله الحمد والمّنة- بما يزيل هذا الإشكال، ويرفع هذا الاحتمال، ويخلّص من مهاوى هذه الشّبه؛ وهو الصحيح، إن شاء الله تعالى، وسنذكره بعد ذكر أعذارهم وأدلّتهم.
أما ما استدلوا به على تقدير أن يكون كنانة خلف على برة بنت مرّ بن ادّ بعد أبيه، فقال السّهيلىّ «١» ، رحمه الله، فى قوله تعالى:(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ «٢» )
؛ أى إلا ما قد سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام، قال: وفائدة لاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعلم أنه لم يكن فى أجداده بغية ولا سفاح؛ ألا ترى أنه لم يقل فى شىء نهى عنه فى القرآن (إلا ما قد سلف) نحو: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى «٣» )
؛ ولم يقل (إلا ما قد سلف) ، (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ «٤» ) *
ولم يقل (إلا ما قد سلف) ، ولا فى شىء من المعاصى التى نهى عنها إلا فى هذه [لآية «٥» ] ، وفى الجمع بين الأختين؛ لأن الجمع بينهما قد كان مباحا فى شرع من قبلنا؛ وقد جمع يعقوب عليه السلام، بين راحيل «٦» وأختها ليا؛ فقوله:(إلا ما قد سلف) التفات إلى هذا المعنى وتنبيه على هذا المعزى. ونقل السّهيلىّ هذه التكتة عن القاضى أبى بكر بن العربىّ.