فأرسلت سلمى إلى المطّلب، فدعته إلى النّزول عليها فقال: شأنى أخفّ من ذلك؛ ما أريد أن أحلّ عقدة حتى أقبض ابن أخى فألحه ببلده وقومه، فقالت:
لست بمرسلته معك، وغلّظت عليه فقال: لا تفعلى «١» فإنى غير منصرف حتّى أحرج به معى، فإنّ المقام ببلده خير له من المقام ههنا، وهو ابنك حيث كان؛ فلما رأت أنه غير مقصّر حتى يخرج به استنظرته ثلاثة أيام، وتحوّل المطّلب إلهم ونزل عندهم «٢» ، وأقام ثلاثا ثم احتمله وانطلقا جميعا، ودخل به إلى مكّة فقالت «٣» قريش:
هذا عبد المطّلب! فقال: ويحكم إنما هو ابن أخى شيبة بن عمرو.
وقيل إنه لما دخل إلى مكّة دخلها وشيبة معه على عجز ناقته، وذلك ضحى «٤» ، والناس فى أسواقهم ومجالسهم، فقاموا يرحّبون بقدوم المطّلب ويقولون له:
من هذا معك؟ من هذا وراءك؟ فيقول: هذا عبدى، وفى رواية هذا عبد ابتعته «٥» بيثرب، فأدخله المطّلب منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فقالت: من هذا معك؟ قال: عبدلى؛ واشترى له حلّة فلبسها، ثم خرج به العشىّ إلى مجلس بنى عبد مناف وأعلمهم «٦» أنه ابن أخيه؛ فجعل شيبة يطوف بمكّة، فإذا مرّ بقوم قالوا: هذا عبد المطّلب، فغلب ذلك عليه.
وفى تكنبته بأبى البطحاء أنه أستسقى لأهل مكّة فسقوا لوقتهم، فقال له مشايخ قريش عند ذلك: هنيئا لك أبا البطحاء. وسنذكر إن شاء الله تعالى