فلما «١» فصل منّى خرج منه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع على الأرض على يديه، ثم أخذ قبضة من تراب فقبضها، ورفع رأسه إلى السماء.
وقال بعضهم: وقع جاثيا على ركبتيه رافعا رأسه إلى السماء، وخرج معه نور أضاءت له قصور الشّام وأسواقها، حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى «٢» . وعن حسان ابن عطية: أن النبى صلى الله عليه وسلم لمّا ولد وقع على كفّيه وركبتيه «٣» شاخصا بصره إلى السماء.
قالت أمّه: فولدته نظيفا والله كما يولد السّخل ما به قذر. وقالت فاطمة بنت عبد الله أمّ عثمان بن [أبى] العاصى «٤» ، وكانت شهدت ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعته أمّه آمنة وذلك ليلا، قالت: فما شىء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإنى لأنظر إلى النّجوم تدنو حتى إنى لأقول لتقعنّ «٥» علىّ.
وذكر الخطيب أبو بكر بن ثابت رحمه الله، عن آمنة قالت: لمّا ولدت محمدا صلى الله عليه وسلم ثم خرج من بطنى نظرت إليه، فإذا هو ساجد لله عزّ وجلّ رافع يديه «٦» إلى السماء كالمتضرّع المبتهل، ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت تنزل من السماء حتى غشيته، فغّيبته عن عينى برهة، فسمعت قائلا يقول: طوفورا بمحمد مشارق الأرض ومغاربها، وأدخلوه البحار كلّها ليعرف جميع الخلائق كلها باسمه