الشّعيبة «١» ، وكانت مرفأ السفن قبل جدّة فتحطّمت؛ فخرج الوليد بن المغيرة فى نفر من قريش فابتاعوا خشبها، وقدم معهم باقوم الرومىّ.
قال ابن اسحق «٢» : فأعدّوا الخشب لتسقيفها، وكان بمكة رجل قبطىّ نجار، فتهيأ لهم فى أنفسهم بعض ما يصلحها؛ وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التى كان يطرح فيها ما يهدى لها، فتتشرّق «٣» كل يوم على جدار الكعبة، ولا يدنو منها أحد إلا احزألّت «٤» أى رفعت رأسها وكشّت «٥» وفتحت فاها، فكانوا يهابونها؛ فبينا هى يوما تتشرّق بعث الله طائرا فاختطفها فذهب بها، فقالت قريش: إنا لنرجو أن يكون الله قد رضى ما أردنا؛ عندنا عامل رفيق، وعندنا خشب، وقد كفانا الله عز وجل الحية.
فلما أجمعوا أمرهم «٦» على هدمها وبنائها، قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهو خال أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتناول من الكعبة حجرا، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه، فقال: يا معشر قريش، لا تدخلوا فى بنائها من كسبكم إلا طيّبا، لا يدخل فيها مهر بغىّ، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس. ويقال إن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم هو الذى قال هذا القول.
قال الواقدىّ: فأمروا بجمع الحجارة، وببناء الكعبة منها؛ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم، وكانوا يضعون أزرهم على عواتقهم ويحملون الحجارة، ففعل