حدّثنى عمّى أحمد بن حبيش بن عبد العزيز، قال: حدّثنى أبى عفير، قال:
حدّثنى أبى زرعة بن سيف بن ذى يزن، قال: لما ظهر سيف بن ذى يزن على الحبشة، وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها لتهنئته، وتذكّر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه، وأتاه وفد قريش، منهم: عبد المطلّب بن هاشم، وأمية بن عبد شمس، وعبد الله ابن جدعان، وأسد بن عبد العزّى، ووهب بن عبد مناف، وقصىّ بن عبد الدار، فدخل عليه آذنه وهو فى قصر يقال له غمدان، والملك مضمّخ بالعبير، وعليه بردان أخضران، مرتد بأحدهما متّزر بالآخر، سيفه بين يديه، وعن يمينه وشماله الملوك، فأخبر بمكانهم فأذن لهم، فدخلوا عليه، فدنا منه عبد المطّلب فاستأذنه فى الكلام، فقال: إن كنت ممن يتكلّم بين يدى الملوك فقد أذنّا لك، فقال:
إن الله عز وجل أحلّك أيها الملك محلا رفيعا شامخا منيعا، وأنبتك نباتا طابت أرومته، وعظمت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه، فى أطيب موضع وأكرم معدن؛ وأنت- أبيت اللّعن- ملك العرب الذى عليه الاعتماد، ومعقلها الذى تلجأ إليه العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن يهلك ذكر «١» من أنت خلفه، ولن يخمل ذكر من أنت سلفه، نحن أهل حرم الله وسدنة بيت الله، أشخصنا إليك الذى أبهجنا من كشفك الكرب الذى فدحنا، فنحن وفد التّهنئة، لا وفد المرزئة.
قال له الملك: من أنت «٢» أيها المتكلّم؟ فقال: أنا عبد المطّلب بن هاشم، قال: ابن أخينا؟ قال: نعم، قال: ادنه، ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال: