فمن ذلك ما روى عن دحية بن خليفة الكلبىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر أنه قال: لقيت قيصر بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بدمشق، فأدخلت عليه خاليا، فناولته الكتاب فقبّل خاتمه وفضّه وقرأه، ثم وضعه على وسادة أمامه، ثم دعا بطارقته وزعماء دينه فقام فيهم على وسائد بنيت له، ثم خطبهم فقال: هذا كتاب النبىّ الذى بشّر به عيسى المسيح، وأخبر أنه من ولد إسماعيل، قال: فنخروا نخرة عظيمة، وحاصوا فأومى إليهم بيده أن اسكتوا، ثم قال: إنما جرّبتكم لأرى غضبكم لدينكم، ونصركم له، وصرفهم «١» ، ثم استدعانى من الغد فأخلانى، وأنّسنى بحديثه، وأدخلنى بيتا عظيما فيه ثلاثمائة وثلاثة عشر صورة، فإذا هى صور الأنبياء المرسلين صلى الله عليهم «٢» وسلم فقال:
انظر من صاحبك من هؤلاء، فنظرت فإذا صورة النبىّ صلى الله عليه وسلم كأنما ينطق، فقلت: هو هذا، فقال: صدقت، ثم أرانى صورة عن يمينه فقال:
من هذا؟ قلت: هذه صورة رجل من قومه اسمه أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه، فأشار إلى صورة أخرى عن يساره، فقلت: هذه صورة رجل من قومه يقال له عمر رضى الله عنه، فقال: إنا نجد فى الكتاب أن بصاحبيه هذين يتمّ الله أمره.
قال دحية: فلما قدمت على النبىّ صلى الله عليه وسلم أخبرته، قال: صدق، بأبى بكر وعمر يتمّ الله هذا الأمر بعدى. والله الموفق.
ومنه ما روى عن حكيم «٣» بن حزام قال: دخلت الشام للتجارة «٤» قبل أن أسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكّة، فأرسل قيصر إلينا «٥» ، فجئناه ومعنا أميّة بن