والآخرون، يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون، قال: أحقّ ما تخبرنى؟
قال: نعم، والشّفق والغسق، والفلق إذا اتّسق؛ إن ما أنبأتك به لحقّ.
ثم قدم عليه شقّ فقال له كقوله لسطيح، وكتمه ما قال سطيح، لينظر أيتّفقان أم يختلفان؟ فقال «١» : نعم، رأيت حممة «٢» ، خرجت من ظلمة، فوقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة.
فلما قال ذلك عرف أنهما قد اتّففا، وأن قولهما واحد، فقال له الملك:
ما أخطأت ياشقّ منها شيئا، فما عندك فى تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرّتين من إنسان، لينزلنّ أرضكم السودان، فليغلبنّ على كلّ طفلة «٣» البنان، وليملكنّ ما بين أبين إلى نجران، فقال له الملك: وأبيك ياشقّ، إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن أفى زمانى أم بعده؟ قال: لا. بل بعده بزمان، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذوشان، ويذيقهم أشدّ الهوان، قال: ومن هذا العظيم الشان؟ قال: غلام ليس بدنىّ «٤» ولا مدنّ «٥» يخرج عليهم من بيت ذى يزن، قال: أفيدوم سلطانه أم ينقطع؟
قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتى بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل، يكون الملك فى قومه إلى يوم الفصل، قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم تجزى فيه الولاة، يدعى فيه من السماء بدعوات، يسمع فيها الأحياء والأموات، ويجمع فيها الناس للميقات، يكون فيه لمن اتّقى الفوز والخيرات، قال: أحقّ ما تقول؟
قال: إى وربّ السماء والأرض، وما بينهما من رفع وخفض، إنّ ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض «٦» ، قال: فوقع فى نفس ربيعة بن نصر ما قالا، فجهّز بنيه وأهل بيته