جبريل، [قال «١» ] : فوقفت أنظر إليه، فما أتقدّم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهى [عنه «٢» ] فى آفاق السماء، فما أنظر فى ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدّم أمامى وما أرجع ورائى حتى بعثت خديجة رسلها فى طلبى، فبلغوا [أعلى «٣» ] مكة ورجعوا إليها، وأنا واقف فى مكانى ذلك؛ ثم انصرف عنى.
وانصرفت راجعا إلى أهلى حتى أتيت خديجة، فجلست إلى فخذها [مضيفا إليها «٤» ] فقالت: يا أبا القاسم أين كنت؟ فو الله لقد بعثت رسلى فى طلبك حتى بلغوا [أعلى «٥» ] مكة ورجعوا إلىّ، فحدّثتها «٦» بالذى رأيت، فقالت: أبشر يا بن عمّ واثبت، فو الذى نفس خديجة بيده إنى لأرجونّ «٧» أن تكون نبىّ هذه الأمة.
ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى «٨» ، وهو ابن عمها، وكان قد تنصر فى الجاهلية وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والإنجيل، فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع، فقال ورقة: قدّوس قدّوس، والذى نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقتنى يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذى كان يأتى موسى، وإنه لنبىّ هذه الأمة، فقولى له فليثبت. فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة بن نوفل، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع؛ بدأ بالكعبة فطاف بها، فلقيه ورقة بن نوفل وهو