للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى البخارىّ- رحمه الله- فى صحيحه «١» بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أمّ المؤمنين رضى الله عنها: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحيانا يأتينى مثل صلصلة «٢» الجرس وهو أشدّه علىّ، فيفصم «٣» عنى وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلّمنى فأعى ما يقول.

قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد، فيفصم «٤» عنه وإنّ جبينه ليتفصّد عرقا.

وبسنده «٥» عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: أوّل ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصالحة فى النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصّبح، ثم حبّب إليه الخلاء، فكان يلحق بغار حراء، فيتحنّث فيه، وهو التعبّد الليالى ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتى جاء الحق وهو فى غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال:

قلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذنى فغطّنى حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطّنى الثانية حتى بلغ من الجهد، ثم أرسلنى فقال:

اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطّنى الثالثة، ثم أرسلنى فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)

فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال:

زمّلونى زمّلونى، فزمّلوه حتى ذهب عنه الرّوع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد