يابن هاشم، يابن سيّد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكّون العانى، وتطعمون الأسير، جئناك فى ابننا عندك، فامنن علينا وأحسن إلينا فى فدائه؛ قال: ومن هو؟
قالا: زيد «١» بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فهلّا غير ذلك» ؟ قالوا: وما هو؟ قال:«ادعوه فأخيّره «٢» ، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارنى فهو لى، فو الله ما أنا بالذى أختار على من اختارنى أحدا» . قالوا «٣» : قد زدتنا على النّصف وأحسنت إلينا، فدعاه «٤» فقال: «هل تعرف هؤلاء» ؟ قال: نعم، قال «من هذا «٥» » ؟ قال: أبى، وهذا عمى، قال:«فأنا من قد علمت «٦» ، وقد رأيت صحبتى لك، فاخترنى أو اخترهما» ، فقال زيد: ما أنا بالذى «٧» أختار عليك أحدا، أنت منى مكان الأب والعمّ، فقالا:
ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرّيّة، وعلى أبيك وعمك وأهل «٨» بيتك؟ قال:
نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذى أختار عليه أحدا أبدا. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: يا معشر من حضر، اشهدوا أنّ زيدا ابنى يرثنى وأرثه» . فلما رأى ذلك أبوه وعمّه طابت نفوسهما وانصرفا.
ودعى زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام، فنزلت:(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ)
، فدعى يومئذ زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء إلى آبائهم. والله أعلم.