أوّل ما بعث النبى صلى الله عليه وسلم وهو مستخف «١» ، فقيل لى: إنك لا تقدر عليه إلا باللّيل حين يطوف، فقمت بين يدى الكعبة فما شعرت إلا بصوته يهلّل، فخرجت إليه فقلت من أنت؟ قال: أنا نبىّ الله، فقلت وما نبىّ الله؟ قال: رسول الله، قلت وبم أرسلك؟
قال: بأن يعبد «٢» الله وحده ولا يشرك به شىء، وتكسر الأوثان وتحقن الدماء، [وتوصل الأرحام]«٣» ، قلت: ومن معك على هذا؟ قال: حرّ وعبد، يعنى أبا بكر وبلالا، فقلت: ابسط يدك أبايعك، فبايعته على الإسلام. قال: فلقد رأيتنى وأنا ربع «٤» الإسلام، قال: قلت أقيم معك يا رسول الله؟ قال:«لا. ولكن الحق بقومك فإذا سمعت أنى قد خرجت فاتبعنى» ، قال: فلحقت بقومى، فمكثت دهر امنتظرا «٥» خبره حتى أتت رفقة من يثرب فسألتهم الخبر «٦» ، فقالوا: خرج محمد بن مكة إلى المدينة. قال: فارتحلت فأتيته فقلت: أتعرفنى؟
قال:«نعم، أنت الرجل الذى أتيتنا بمكّة» . وروى أبو «٧» عمر أيضا بسنده إلى أبى أمامة الباهلى أنه حدث عن عمرو بن عبسة «٨» قال: «رغبت عن آلهة قومى فى الجاهلية ورأيت أنها آلهة باطلة «٩» ؛ يعبدون الحجارة، وهى لا «١٠» تضرّ ولا تنفع، قال: فلقيت رجلا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين، فقال: يخرج رجل من مكّة يرغب عن آلهة قومه ويدعو إلى غيرها، وهو يأتى بأفضل الدين، فإذا سمعت به فاتّبعه، فلم يكن لى همّ