لنقولنّها وعشر أمثالها، قال:«قولوا لا إله إلا الله» ، فاشمأزّوا ونفروا منها وغضبوا، وقاموا وهم يقولون:(وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ)
، ويقال:
إن الذى تكلّم بها عقبة بن أبى معيط، وقالوا: لا نعود إليه أبدا، وما خير من أن نغتال محمدا «١» . فلما كان من تلك «٢» الليلة، قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه، فجمع فتيانا من بنى هاشم وبنى المطّلب، ثم قال: ليأخذ كلّ واحد حديدة صارمة، ثم ليتبعنى إذا دخلت المسجد فليجلس كلّ فتى منكم إلى عظيم من عظمائهم، فيهم ابن الحنظليّة، يعنى أبا جهل، فإنه لم يغب عن شرّ إن كان محمد قد قتل، فقال الفتيان: نفعل، فجاء زيد بن حارثة، فوجد أبا طالب على تلك الحال، فقال: يا زيد، أحسست «٣» ، ابن أخى؟ قال: نعم، كنت معه آنفا، فقال أبو طالب: لا أدخل بيتى أبدا حتى أراه، فخرج زيد مسرعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى بيت عند الصّفا، ومعه أصحابه يتحدّثون؛ فأخبره الخبر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى طالب، فقال: يابن أخى، أين كنت؟ أكنت فى خير؟ قال: نعم، قال: ادخل بيتك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فوقف على أندية قريش ومعه الفتيان الهاشميّون والمطّلبيّون، فقال: يا معشر قريش، هل تدرون ما هممت به؟ قالوا: لا. فأخبرهم الخبر، وقال للفتيان:
اكشفوا عما فى أيديكم، فكشفوا فإذا كلّ رجل معه حديدة صارمة، فقال:
والله لو قتلتموه ما بقّيت منكم أحدا حتى نتفانى نحن وأنتم، فانكسر القوم، وكان أشدّهم انكسارا أبو جهل.