للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم حسن- ليس عندنا- من علم الأنبياء؛ فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره، وأخبراهم ببعض قوله، وقالا لهم: إنّكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، فقال لهما أحبار يهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهنّ، فإن أخبركم بهنّ فهو نبىّ مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقوّل، فروا فيه رأيكم، سلوه عن فتية ذهبوا فى الدهر الأوّل، ما كان من أمرهم؟ فإنّه قد كان لهم حديث عجيب؛ وسلوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها؛ ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الرّوح ما هو؟

فإن أخبركم بذلك فاتّبعوه فإنه نبىّ، وإن لم يفعل فهو رجل متقوّل فروا فيه رأيكم.

فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن فتية ذهبوا فى الدهر الأوّل قد كانت لهم قصّة عجب؛ وعن رجل كان طوّافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها؛ وأخبرنا عن الرّوح ما هى؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أخبركم بما سألتم عنه غدا» ، ولم يستثن بالمشيئة، فانصرفوا عنه، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون خمس عشرة ليلة لا يحدث الله فى ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف «١» أهل مكّة وقالوا: وعدنا محمد غدا، واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا «٢» بشىء ممّا سألناه عنه، وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحى عنه، وشقّ عليه ما يتكلّم به أهل مكة؛ ثم جاءه جبريل من الله بسورة الكهف فيها خبر ما سألوا عنه، فيقال: إنه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل حين جاءه: لقد احتبست عنّى حتى سؤت ظنّا؛ فقال له جبريل: