وإنّ ما عليها لفان وزائل، ولكن المرجع إلىّ فأجزى كلّا بفعله، فلا تأس، ولا يحزنك ما ترى وتسمع فيها. ثم استقبل القصّة فيما «١» سألوه عنه من شأن الفتية.
فقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)
، أى قد كان من آياتى فيما وضعت على العباد من حجتى «٢» ما هو أعجب من ذلك.
قال ابن هشام: والرقيم الكتاب الذى يرقم فيه بخبرهم، وجمعه رقم.
ثم قال: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ)
إلى قوله: (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً)
أى لم يشركوا بى كما أشركتم [بى «٣» ] ما ليس لكم به علم. قال: والشّطط، الغلوّ «٤» ومجاوزة الحق. قوله: (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ)
، أى بحجّة بالغة. (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً)
إلى قوله: (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) .
قال ابن هشام: تزاور، تميل، وهو من الزّور، و (تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ)
، أى تجاوزهم وتتركهم عن شمالها. والفجوة: السعة، وجمعها الفجاء. قوله: (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ)
أى فى الحجّة على من عرف ذلك من أمورهم من أهل الكتاب ممّن أمر هؤلاء بمسألتك عنهم فى صدق نبوّتك بتحقيق الخبر عنهم. قوله: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ)
إلى قوله (بِالْوَصِيدِ)
«٥» الوصيد: الباب. قال عبيد «٦» بن وهب العبسىّ منشدا:
بأرض فلاة لا يسدّ وصيدها ... علىّ ومعروفى بها غير منكر