أريد محمدا، هذا «١» الذى فرّق أمر قريش وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسبّ آلهتها فأقتله. فقال له نعيم: لقد غرّتك نفسك «٢» يا عمر، أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض وقد قتلت محمدا! فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذى أنت عليه؛ قال: أفلاك أدلك على العجب يا عمر؟ إنّ ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذى أنت عليه.
قال ابن إسحاق: فقال له نعيم: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال:
وأىّ أهل بيتى؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو، وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد والله أسلما وتابعا محمدا على دينه، فعليك بهما، قال: فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه، وعند هما خبّاب بن الأرتّ، معه صحيفة فيها:(طه)
يقرئهما إياها، فلما سمعوا حسّ عمر تغيب خبّاب فى مخدع لهم- أو فى بعض البيت- وأخذت فاطمة الصحيفة فجعلتها تحت فخذها «٣» ، فلما دخل عمر قال: ما هذه الهينمة «٤» التى سمعت؟ قالا: ما سمعت شيئا، قال: بلى والله، لقد أخبرت أنكما اتبعتما «٥» محمدا على دينه. فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحقّ فى غير دينك! فوثب عمر على ختنه فبطش به ووطئه وطئا شديدا، فقامت إليه أخته فاطمة لتكفّه عن زوجها، فضربها فشجّها، فلما فعل ذلك قالا: نعم قد أسلمنا وآمنّا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك. فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع