للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما مع الوليد بن المغيرة فى المسجد، فجاء النّضر بن الحارث حتى جلس معهما، وفى المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعرض له النّضر تكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ. لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ. لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ)

«١» ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عبد الله بن الزّبعرى السهمىّ حتى جلس، فقال له الوليد بن المغيرة: والله ما قام النّضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد، وقد زعم محمد أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم! فقال عبد الله بن الزّبعرى: أما والله لو وجدته لخصمته، فسألوا محمدا: أكلّ ما يعبد من دون الله فى جهنم مع من عبده؟، فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى بن مريم، فعجب الوليد ومن كان حضر معه فى المجلس من قول عبد الله، ورأوا أنه قد احتجّ وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «كلّ من أحبّ أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين، ومن أمرتهم بعبادته» ، فأنزل الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ)

«٢» ، أى عيسى بن مريم، وعزير ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله.