للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم لبعض: إنه والله ما هذا الرجل يعطيكم شيئا مما تريدون؛ فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرّقوا. فقال أبو طالب: والله ما رأيتك سألتهم شططا.

قال: فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه «١» ، فجعل يقول له: «يا عمّ فأنت فقلها؛ أستحل بها لك الشفاعة يوم القيامة» ، قال: يا بن أخى لولا مخافة السّبّة عليك وعلى بنى أبيك من بعدى، وأن تظنّ قريش أنى قلتها جزعا من الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها.

قال ابن عباس: فلما تقارب من أبى طالب الموت، نظر العباس إليه يحرّك شفتيه، فأصغى إليه بأذنه، فقال: يا بن أخى، والله لقد قال أخى الكلمة التى أمرته أن يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم أسمع» ، ثم هلك أبو طالب.

والذى ورد فى الصحيح: أن آخر ما سمع من أبى طالب؛ هو على دين عبد المطلب.

قال ابن إسحاق: وأنزل الله فى الرهط الذين اجتمعوا إلى أبى طالب وقالوا ما قالوا، قوله تعالى: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ. بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ. كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ. وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ. وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ. ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ)

«٢» . قال: يريدون بالملّة الآخرة النصارى؛ لقولهم: (إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)

«٣» .