«أبشروا فإن السلام خير» ، ثم رأى يوما آخر جبريل عليه السلام على الشمس جناح له بالمشرق، وجناح له بالمغرب، قال: فبهتّ منه، قالت «١» : فانطلق يريد أهله، فإذا هو بجبريل عليه السلام بينه وبين الباب، قال:«فكلمنى حتى أنست به ثم وعدنى موعدا، فجئت لموعده، واحتبس علىّ جبريل، فلما أراد أن يرجع إذا هو وميكائيل عليهما السلام، فهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض، وبقى ميكائيل بين السماء والأرض» ، قال:«فأخذنى فسلقنى لحلاوة القفا «٢» ، وشقّ عن بطنى، فأخرج منه ما شاء الله، ثم غسله فى طست من ذهب ثم أعاده، ثم كفانى كما يكفأ الإناء، ثم ختم فى ظهرى حتى وجدت مسّ الخاتم، ثم قال لى:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)
ولم أقرأ كتابا قط، فأخذ بحلقى حتى أجهشت بالبكاء، ثم قال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ)
إلى قوله:(ما لَمْ يَعْلَمْ)
» . قال:«فما نسيت بعد، فوزننى برجل فوزنته، ثم وزننى بآخر فوزنته، ثم وزننى بمائة، فقال ميكائيل:
تبعته أمته وربّ الكعبة» . قال:«ثم جئت إلى منزلى، فما يلقانى حجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله، حتى دخلت على خديجة فقالت: السلام عليك يا رسول الله» .
فيدل هذا الحديث على أنه شقّ جوفه أيضا عند الوحى، فيكون شقّ جوفه ثلاث مرات؛ مرة وهو عند ظئرة، ومرة عند الوحى فى أول النبوة، كما يقتضى هذا الحديث، ومرة ثالثة عند الإسراء؛ كما روى عن أبى ذرّ، ومالك بن صعصعة.