للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن الذى معى أفضل من هذا؛ قرآن أنزله الله علىّ هو هدى ونور» . فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، ودعاه إلى الإسلام فلم يبعد منه، وقال: إنّ هذا لقول حسن؛ ثم انصرف عنه، فقدم المدينة على قومه، فلم يلبث أن قتله الخزرج، قال: فإن كان رجال من قومه ليقولون: إنا لنراه قد قتل وهو مسلم، وكان قتله قبل بعاث «١» .

قال ابن إسحاق أيضا: وحدّثنى الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد ابن معاذ عن محمود بن لبيد، قال: لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بنى عبد الأشهل، فيهم إياس بن معاذ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من بنى الخزرج، سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاهم فجلس إليهم فقال: «هل لكم فى خير مما جئتم له» ؟، فقالوا: وما ذلك؟ قال: «أنا رسول الله، بعثنى إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وأنزل علىّ الكتاب» . قال: ثم ذكر لهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فقال لهم إياس بن معاذ- وكان غلاما حدثا-: أى قوم، هذا والله خير مما جئتم له، فأخذ أبو الحيسر حفنة من [تراب «٢» ] البطحاء، فضرب بها وجه إياس بن معاذ؛ وقال: دعنا منك، فلعمرى لقد جئنا لغير هذا، قال: فصمت إياس، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرفوا إلى المدينة، فكان وقعة بعاث بين الأوس والخزرج، ثم لم يلبث إياس ابن معاذ أن هلك. قال محمود بن لبيد: فأخبرنى من حضره من قومه عند موته أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره، ويحمده ويسبحه حتى مات، فما كانوا يشكّون أنه قد مات مسلما، لقد كان استشعر الإسلام فى ذلك المجلس حين سمع من رسول الله ما سمع. والله أعلم.