وقال ابن إسحاق:«١» إنّ العباس قال: يا معشر الخزرج، إنّ محمدا منّا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممّن هو على مثل رأينا فيه، فهو فى عزّ من قومه، ومنعة فى بلده، وإنّه قد أبى إلا الانحياز إليكم، واللّحوق بكم؛ فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممّن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنّكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه فى عزّ ومنعة من قومه وبلده.
قال ابن سعد: فقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت، وإنا والله لو كان فى أنفسنا غير ما ننطق به لقلناه، ولكنّا نريد الوفاء والصدق، وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق- فيما رواه بسنده عن كعب بن مالك: فقلنا له: سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت، فتكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغّب فى الإسلام ثم قال:
«أبايعكم على أن تمنعونى فيما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» . قال: فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم والذى بعثك بالحق لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا «٢» - يعنى نساءنا- فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل «٣» الحروب، وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر.
قال ابن سعد: ويقال: إن أبا الهيثم بن التّيهان كان أوّل من تكلم فأجاب إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم «٤» ، وقالوا: نقبله على مصيبة الأموال، وقتل الأشراف؛ قال: ولغطوا. فقال العباس وهو آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه