الكفر لبلاء أصابهم، وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله فيهم، وفى قولنا وقولهم لأنفسهم:(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ.
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)
»
، قال عمر: فكتبتها بيدى فى صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاص، فلما قرأها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
قال أبو محمد عبد الملك بن هشام: حدّثنى من أثق به أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بالمدينة: «من لى بعياش بن أبى ربيعة، وهشام بن أبى العاص» ؟ فقال الوليد بن الوليد بن المغيرة: أنا لك يا رسول الله بهما، فخرج إلى مكة، فقدمها مستخفيا، فلقى امرأة تحمل طعاما فقال لها: أين تريدين يا أمة الله؟
قالت: أريد هذين المحبوسين- تعنيهما- فتبعها حتى عرف موضعهما، وكانا قد حبسا فى بيت لا سقف له، فلما أمسى تسوّر عليهما، ثم أخذ مروة «٢» فوضعها تحت قيديهما، ثم ضربهما بسيفه فقطعهما «٣» ، ثم حملهما على بعيره وسار بهما، فعثر فدميت إصبعه فقال:
هل أنت إلا إصبع دميت ... وفى سبيل الله ما لقيت
نعود إلى تتمة أخبار عمر فى هجرته- قال ابن إسحاق: ونزل عمر بن الخطاب حين نزل «٤» المدينة ومن لحق به من أهله وقومه، وأخوه زيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله