الصبح إلى ظاهر الحرّة ينتظرونه، فلا يبرحون حتى تغلبهم الشمس على الظلال فيدخلون، وذلك فى أيام حارة، حتى إذا كان اليوم الذى قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا على عادتهم، حتى إذا لم يبق ظل دخلوا بيوتهم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلوا البيوت، فكان أول من رآه رجل من يهود، فصرخ بأعلى صوته: يا بنى قيلة «١» ، هذا جدكم قد جاء، قال: فخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى ظل نخلة، ومعه أبو بكر رضى الله عنه فى مثل سنّه، وأكثر الأنصار لم يكن يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، فأقبل الناس وما يعرفون من أبى بكر، حتى إذا زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر فأظله بردائه، فعرفوه عند ذلك، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن هدم أخى بنى عمرو بن عوف، وهو الأصح، وكان إذا خرج من منزل كلثوم جلس للناس فى بيت سعد بن خيثمة، وذلك أنه كان عزبا لا أهل له، وكان منزل العزّاب من المهاجرين، ونزل أبو بكر الصديق رضى الله عنه على خبيب بن إساف أحد بنى الحارث بن الخزرج بالسّنح. وقيل: بل نزل على خارجة بن زيد. وأقام علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه بمكة ثلاث ليال، حتى أدّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التى كانت عنده للناس، ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء من يوم الاثنين إلى آخر يوم الخميس أربعة أيام.