(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً)
«١» أى شك فزادهم الله شكا. وقوله: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ)
«٢» لأنهم كانوا يقولون:
إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب. وقوله: (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ)
أى من تهود (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ)
أى على مثل ما أنتم عليه (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)
«٣» أى إنما نستهزئ بالقوم ونلعب بهم. ثم ضرب الله لهم مثلا فقال: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)
«٤» الآية؛ أى يبصرون الحقّ ويقولون به، حتى إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم ونفاقهم فيه، فتركهم الله فى ظلمات الكفر فهم لا يبصرون هدى، ولا يستقيمون على حقّ. ثم قال تعالى:
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ)
«٥» أى عن الخير، لا يرجعون إلى هدى. وقوله:
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)
«٦» الصّيّب: المطر. قال ابن إسحاق:
أى هم من ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل، على الذى هم عليه من الخلاف والتخوف لكم، على مثل ما وصف، من الذى هو فى ظلمة الصّيّب، يجعل أصابعه فى أذنيه من الصواعق حذر الموت. (وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)
أى منزل ذلك بهم من النقمة. قوله: (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ)
أى لشدة ضوء الحقّ (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا)
أى يعرفون الحقّ ويتكلمون به، فهم من قولهم على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا متحيرين.
(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ)
«٧» أى لما تركوا الحقّ بعد معرفته. والله تعالى أعلم بالصواب.