قال: وكان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف فى الجاهلية، فأنزل الله تعالى فيهم:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ)
، [أى تؤمنون بكتابكم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم كنتم أحقّ بالبغضاء لهم منهم لكم «١» ] ، (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)
«٢» ، قال: ودخل أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى بيت المدراس «٣» على يهود، فوجد جماعة كثيرة منهم قد اجتمعوا إلى حبر من أحبارهم يقال له فنحاص، ومعه حبر آخر يقال له أشيع؛ فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك يا فنحاص! اتق الله وأسلم، فو الله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله، قد جاءكم بالحقّ من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم فى التوراة والإنجيل، فقال لأبى بكر:
والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، وما هو عنّا بغنىّ، ولو كان عنّا غنيا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الرّبا ويعطيناه، ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الرّبا. فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضربا شديدا