على خلق لم تلف يوما أبا له ... عليه وما تلفى عليه أبا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ... ولا قائل إمّا عثرت: لعّا لكا «١» !
وبعث بها إليه، فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لما سمع «٢» ] قوله «سقاك بها المأمون» : «صدق وإنه لكذوب، [أنا المأمون «٣» ] » ولما سمع قوله «على خلق لم تلف أمّا ولا أبا عليه» قال: « [أجل «٤» ] لم يلف عليه أباه ولا أمه» فكتب بجير إلى كعب:
من مبلغ كعبا فهل لك فى التى ... تلوم عليها باطلا وهى أحزم
إلى الله- لا العزّى ولا اللّات- وحده ... فتنجو إذا كان النّجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت ... من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شىء دينه ... ودين أبى سلمى علىّ محرّم
قال: فلما بلغ كعبا كتاب أخيه ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان فى حاضره «٥» من عدوّه، فقالوا: هو مقتول، فقال قصيدته التى يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر فيها خوفه، وإرجاف الوشاة به من عدوّه، وخرج حتى قدم المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة، فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلّى الصبح فصلّى معه، ثم أشار الجهنىّ لكعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه، فقام حتى جلس إليه، فوضع يده فى يده، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم