قامر أبو لهب العاصى بن هشام فى عشرة من الإبل فقمره «١» ، ثم فى عشرة فقمره، [ثم فى عشرة فقمره «٢» ] ، إلى أن خلعه من ماله فلم يبق له شيئا، فقال له:
إنى أرى القداح قد حالفتك يابن عبد المطلب، فهلّم أقامرك يابن عبد المطلب، فأيّنا غلب كان عبد الصاحبه. قال: افعل، ففعل. فقمره أبو لهب، فكره أن يسترقّه فتغضب بنو مخزوم، فمشى إليهم فقال: افتدوه منى بعشرة من الإبل.
فقالوا: لا والله ولا بوبرة. فاسترقّه، فكان يرعى له إبله إلى أن خرج المشركون إلى بدر. قال: وقال غير مصعب: فاسترقه واحتبسه قينا «٣» يعمل [الحديد «٤» ] . فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجه أبو لهب عنه لأنه كان عليلا، على أنه إن عاد أعنقه، فقبل العاصى.
قال ابن اسحاق: وكان أميّة بن خلف قد أجمع القعود [وكان شيخا «٥» جليلا جسيما ثقيلا] فأتاه عقبة بن أبى معيط وهو جالس فى المسجد بين قومه بمجمرة «٦» ، فوضعها بين يديه، وقال: يا أبا علىّ، استجمر، فإنما أنت من النساء. فقال:
قبحك الله وقبح ما جئت به. ثم تجهّز وخرج مع الناس.
قال: ولما فرغوا من جهازهم، وأجمعوا المسير، ذكروا ما كان بينهم وبين بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب، فقالوا: إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا.
فكادوا ينثنون؛ فتبدّى لهم إبليس فى صورة سراقة بن مالك المدلجىّ، وكان من أشراف كنانة، فقال: أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشىء مما تكرهونه فخرجوا سراعا.