قال ابن إسحاق: ورمى مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل، وكان أول قتيل قتل من المسلمين، ثم رمى حارثة بن سراقة، أحد بنى عدىّ بن النجّار، وهو يشرب فى الحوض بسهم، فأصاب نحره، فقتل.
ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الناس يحرّضهم، وقال:«والذى نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة» ، فقال عمير بن الحمام أخو بنى سلمة، وفى يده تمرات يأكلهن: بخ بخ «١» ! أفما بينى وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلنى هؤلاء؟ ثم قذف التمرات من يده، وأخذ سيفه وقاتل حتى قتل.
وقال عوف بن الحارث- وهو ابن عفراء- يا رسول الله: ما يضحك «٢» الربّ من عبده؟ قال: غمسه يده فى العدوة حاسرا. فنزع درعا كانت عليه، وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل.
قال: ثم أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا، ثم قال: شاهت «٣» الوجوه، ثم نفحهم بها، وأمر أصحابه فقال: شدّوا؛ فكانت الهزيمة على قريش، فقتل الله من صناديد قريش من قتل، وأسر من أسر.
قال محمد بن سعد: قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: لما نزلت:
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)
، قلت: وأىّ جمع يهزم ومن يغلب؟ فلما كان يوم بدر نظرت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يثب فى الدرع وثبا وهو يقول: