لنبىّ إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، فانظروا ما آمركم به فافعلوا وامضوا على اسم الله، فلكم النصر ما صبرتم. ثم دعا بثلاثة أرماح، فعقد ثلاثة ألوية، فدفع لواء المهاجرين إلى على بن أبى طالب، ويقال:
إلى مصعب بن عمير، ودفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر، ويقال: إلى سعد بن عبادة، واستخلف على المدينة عبد الله بن أمّ مكتوم، ثم ركب فرسه وتنكّب «١» القوس وأخذ قناة بيده، والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع، فيهم مائة دارع، وخرج السّعدان أمامه يعدوان، سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، كل منهما دارع، والناس عن يمينه وشماله، فمضى حتى إذا كان بالشّيخين «٢» - وهما أطمان، كان يهودى «٣» ويهودية يقومان عليهما يتحدّثان، فلذلك سميّا بالشيخين، وهما فى طرف المدينة- التفت فنظر إلى كتيبة خشناء «٤» لها زجل «٥» ، فقال: ما هذه؟ قالوا: حلفاء ابن أبىّ من يهود. فقال صلّى الله عليه وسلّم: لا تستنصروا «٦» بأهل الشّرك على أهل الشرك. وعرض من عرض بالشيخين، فردّ من ردّ، وأجاز من أجاز.
قال محمد بن إسحاق: أجاز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ سمرة «٧» بن جندب الفزارىّ، ورافع بن خديج أحد بنى حارثة، وهما ابنا خمس عشرة سنة، وكان