أذكّركم الله أن تخذلوا «١» قومكم ونبيّكم عند ما حضر عدوّهم؛ قالوا: لو نعلم أنّكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكن لا نرى أنّه يكون قتال. قال: فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداء الله، فيسغنى الله عنكم نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.
قال ابن سعد: انخزل عبد الله بن أبىّ بثلمائة، وبقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى سبعمائة ومعه فرسه وفرس لأبى بردة بن نيار. وأقبل يصفّ أصحابه ويسوّى الصّفوف على رجليه، وعليه درعان ومغفر «٢» وبيضة، وجعل له ميمنة وميسرة، وجعل أحدا وراء ظهره، واستقبل المدينة؛ وجعل عينين «٣» - جبلا- عن يساره، وجعل عليه خمسين من الرّماة، واستعمل عليهم «٤» عبد الله بن جبير، وقال: قوموا على مصافّكم هذه «٥» فاحموا ظهورنا، لا يأتونا من خلفنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا، فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا.
وأقبل المشركون، وقد صفّوا صفوفهم، واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبى جهل، ولهم مجنّبتان «٦» مائتا فرس، وجعلوا على الخيل صفوان بن أميّة، ويقال: عمرو بن العاص. وعلى الرّماة عبد الله بن أبى ربيعة، وكانوا مائة رام، ودفعوا اللّواء إلى طلحة بن أبى طلحة- واسم أبى طلحة عبد الله ابن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار- فسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من