قال ابن إسحاق: وكان أوّل من عرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد الهزيمة، وقول الناس: قتل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كعب بن مالك، قال كعب:
عرفت عينيه تزهران تحت «١» المغفر، فناديت بأعلى صوتى: يا معشر المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فأشار إلىّ: أن أنصت، قال: فلما عرف المسلمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهضوا [به] ونهض معهم نحو الشّعب، معه أبو بكر، وعمر، وعلىّ، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام، والحارث بن الصّمة، ورهط من المسلمين، فلما أسند «٢» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى الشعب أدركه أبىّ بن خلف، وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا، فقال القوم:
يا رسول الله، أيعطف عليه رجال منّا؟ قال رسول الله: دعوه. فلما دنا تناول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحربة من الحارث بن الصّمة، قال: فلما أخذها انتفض ما انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء «٣» عن ظهر البعير إذا انتفض بها، ثم استقبله فطعنه بها طعنة فى عنقه تدأدأ»
منها عن فرسه مرارا؛ وكان أبىّ بن خلف قبل ذلك يلقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقول: إنّ عندى العود- فرسا- أعلفه كل يوم فرقا «٥» من ذرة أقتلك عليه. فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بل أنا أقتلك إن شاء الله. فلما رجع إلى قريش، وقد خدشه فى عنقه خدشا غير كبير، فاحتقن الدّم فيه، فقال: قتلنى والله محمد؛ قالوا: ذهب والله فؤادك! والله إن بك