للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق: ومرّ الحليس بن زبّان «١» أخو بنى الحارث بن عبد مناة، وهو يومئذ سيد الأحابيش بأبى سفيان، وهو يضرب فى شدق حمزة بزجّ الرمح، ويقول: ذق عقق «٢» . فقال الحليس: يا بنى كنانة، هذا سيّد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما «٣» ؛ قال: ويحك! اكتمها عنّى، فإنها كانت زلة. قال ولما فرغ الناس لقتلاهم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده، وجدع أنفه وأذناه. فقال حين رآه:

لولا أن تحزن صفيّة وتكون ستّة من بعدى لتركتك حتى تكون فى بطون السّباع وحواصل الطير، ولئن أظهرنى الله على قريش فى موطن من المواطن لأمثّلن بثلاثين رجلا منهم، فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وغيظه على من فعل بعمّه ما فعل، قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثّلن بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب. فأنزل الله تعالى قوله: (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ «٤» )

قال: فعفا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصبر. ونهى عن المثل «٥» .