قال السدّى: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة انطلقوا حتى بلغوا بعض الطريق ثم إنهم ندموا، وقالوا: بئس ما صنعنا، قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشّريد تركناهم، ارجعوا فاستأصلوهم؛ فلما عزموا على ذلك ألقى الله تعالى «١» في قلوبهم الرعب، حتى رجعوا عما همّوا به، فأنزل الله تعالى:«سنلقى فى قلوب الّذين كفروا الرّعب» يعنى الخوف (بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً))
أى حجة وبيانا وعذرا وبرهانا، ثم أخبر الله «٢» تعالى عن مصيرهم، فقال:(وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ))
قال محمد بن كعب القرظىّ: لما رجع رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه إلى المدينة، وقد أصابهم ما أصابهم بأحد، قال ناس من أصحابه: من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر؟ [فأنزل «٣» الله تعالى «ولقد صدقكم الله وعده» أى الذى وعد بالنصر] والظفر، وهو قوله تعالى:
«بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا» )
الآية. وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [للرّماة «٤» ] :
«لا تبرحوا مكانكم فلن تزال غالبين ما ثبتم مكانكم» وقوله [تعالى «٥» ] : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ))
أى تقتلونهم قتلا ذريعا شديدا، وذلك عند هزيمتهم كما تقدّم. قوله:
«فشلتم» : أى جبنتم وضعفتم «وتنازعتم» أى اختلفتم. وهو ما وقع بين الرّماة، ونزول أكثرهم لتحصيل الغنيمة كما تقدّم، فكانت الهزيمة بسبب ذلك. قوله:(مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ))