كما فعلتم بأحد (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)
أى من بعد خذلانه (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) *.
قوله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ)
أى بأحد (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها)
ببدر، وذلك أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعين رجلا، وقتل المسلمون منهم يوم بدر سبعين، وأسروا سبعين (قُلْتُمْ أَنَّى هذا)
أى من أين لنا هذا القتل والهزيمة، ونحن مسلمون، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا، والوحى ينزل عليه، وهم مشركون؟ وقد تقدّم فى قصة أسارى بدر خبر التخيير قتلهم أو مفاداتهم، ويقتل منهم مثلهم فى العام القابل، واختيارهم الفداء، وذلك قوله: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)
أى بأخذكم الفداء واختياركم القتل، (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) *.
قوله تعالى: (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)
أى بأحد من القتل والجرح والهزيمة والمصيبة (فَبِإِذْنِ اللَّهِ) *
أى بقضائه وقدره وعلمه (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا)
أى ليميز، وقيل: ليرى. وقيل: لتعلموا أنتم أن الله قد علم نفاقهم، وأنتم لم [تكونوا «١» ] تعلمون ذلك. (وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
أى لأجل دين الله وطاعته (أَوِ ادْفَعُوا)
أى عن أهلكم وبلدكم وحريمكم، وقيل: أى كثّروا سواد المسلمين ورابطوا إن لم تقاتلوا، ليكون ذلك دفعا وقمعا للعدوّ (قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ)
وهو قول عبد الله بن أبىّ وأصحابه الذين انصرفوا معه، كما تقدّم من خبرهم عند اتباع عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بنى سلمة لهم ومناشدته لهم فى الرجوع. قال الله تعالى: (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)
وذلك أنهم كانوا يظهرون الإيمان ويضمرون الكفر، فبين الله تعالى نفاقهم (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) .