للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم: إن قوتلتم نصرناكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم؛ فطمع حيّى بن أخطب فيما قال ابن أبىّ، فأرسل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك. فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكبّر المسلمون لتكبيره، وقال: حاربت يهود. واستخلف على المدينة ابن أمّ مكتوم، وسار فى أصحابه، وعلى بن أبى طالب يحمل لواءه، فصلى العصر بفناء بنى النضير، فلما رأوه تحصنوا بحصونهم، وقاموا عليها معهم النبل والحجارة، واعتزلتهم قريظة فلم تعنهم، وخذلهم عبد الله بن أبىّ ومن وافقه فلم ينصروهم، فحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ست ليال، ثم أمر بقطع النّخيل وتحريقها، فنادوه: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها! وكان الله عز وجل أمر رسوله، صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فقذف الله فى قلوبهم الرعب، وقالوا:

نخرج من بلادك. فقال: لا أقبله اليوم، ولكن اخرجوا منها، ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة «١» . فنزلوا على ذلك.

وكانت مدّة حصرهم خمسة عشر يوما، وولى إخراجهم محمد بن مسلمة، فحملوا النساء والصبيان وتحملوا على سبعمائة بعير، وكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف «٢» بابه، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وكان من أشرافهم ممن سار إلى خيبر سلام بن أبى الحقيق، وكنانة بن الربيع ابن أبى الحقيق، وحيّى بن أخطب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هؤلاء فى قومهم بمنزلة بنى المغيرة فى قريش. وحزن المنافقون [عليهم «٣» ] حزنا شديدا، وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأموال والحلقة، فوجد من الحلقة خمسين