للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الصومعة التى تبنون لزيقة صومعته، فإن قبلها وإلا تضعونها «١» في صومعتها، ثم قولوا له: هى أمانة عندك، فاحتسب فيها. قال: فانطلقوا إليه فسألوه ذلك، فأبى عليهم، فبنوا صومعة على ما أمرهم الأبيض، ثم اطلعوا عليه ووضعوا الجارية فى صومعتها، وقالوا له: يا برصيصا، هذه أختنا قد عرض لها عدوّ من أعداء الله، فهى أمانة عندك فاحتسب فيها. ثم انصرفوا، فلما انفتل برصيصا عن صلاته عاين تلك الجارية وما بها من الجمال، فأسقط «٢» في يده، ودخل عليه أمر عظيم، قال: فجاءها الشيطان فخنقها؛ فلما رأى برصيصا ذلك انفتل عن صلاته، فدعا بتلك الدعوات، فذهب عنها الشيطان، ثم أقبل على صلاته، ثم جاءها الشيطان فخنقها، وكان يكشف عن نفسها ويتعرّض [بها «٣» ] لبرصيصا، وجاءه الشيطان، فقال: ويحك! واقعها فلن تجد مثلها، فستتوب بعد، فتدرك ما تريد من الأمر الذى تريد؛ فلم يزل به حتى واقعها، فافترشها، فلم يزل على ذلك يأتيها حتى حملت وظهر حملها، فقال له الشيطان: ويحك! قد افتضحت، فهل لك أن تقتل هذه وتتوب؟ فإن سألوك فقل: جاء شيطانها فذهب بها ولم أقو عليه. قال:

ففعل. فقتلها ثم انطلق بها فدفنها إلى جانب الجبل، فجاءه الشيطان وهو يدفنها ليلا فأخذ بطرف إزارها، فبقى طرف إزارها خارجا فى التراب، ثم رجع برصيصا إلى صومعته وأقبل على صلاته، فجاء إخوتها يتعاهدون أختهم، وكانوا يجيئون فى بعض الأيام يسألون عنها، ويطلبون إلى برصيصا ويوصونه بها، فقالوا:

يا برصيصا، ما فعلت أختنا؟ قال: جاء شيطانها فذهب بها ولم أطقه. قال:

فصدّقوه وانصرفوا. فلما أمسوا وهم مكروبون، جاء الشيطان إلى كبيرهم