للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لأبى سفيان ومن معه: قد عرفتم ودّى لكم وفراقى محمّدا، وإنه قد بلغنى أمر قد رأيت منه علىّ حقا أن أبلّغكموه نصحا لكم، فاكتموا عنى؛ قالوا:

نفعل؛ فما هو؟ قال: تعلّموا أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا إليه: إنا قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ [لك «١» ] من القبيلتين: قريش وغطفان، رجالا من أشرافهم، ونعطيكهم فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقى منهم حتى نستأصلهم؟ فأرسل إليهم: نعم. فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا. ثم خرج حتى أتى غطفان، فقال: يا معشر غطفان، إنكم أهلى وعشيرتى، وأحبّ الناس إلىّ، ولا أراكم تتّهمونى «٢» ؛ قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم؛ قال: فاكتموا عنى؛ قالوا: نفعل. ثم قال لهم مثلما قال لقريش، وحذّرهم ما حذّرهم. فلما كانت ليلة السبت أرسل أبو سفيان بن حرب ورءوس غطفان إلى بنى قريظة عكرمة بن أبى جهل، فى نفر من قريش وغطفان، فقالوا لهم: إنا لسنا بدار مقام، قد هلك الخفّ والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا، ونفرغ فيما بيننا وبينه. فأرسلوا إليهم:

إن اليوم يوم السبت، وهو يوم لا نعمل فيه شيئا، وقد كان بعضنا أحدث فيه حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذى نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم، يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى تناجز محمدا، فإنا نخشى إن ضرستكم «٣» الحرب، واشتد عليكم القتال أن تنشمروا «٤» إلى بلادكم وتتركونا، والرجل فى بلادنا، ولا طاقة لنا بذلك منه. فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة قالت قريش