للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال تعالى مشيرا إلى المؤمنين: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً. وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً)

قال:

قوله: (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) *

أى سنّة صالحة، [أن «١» ] تنصروه وتؤازروه، ولا تتخلّفوا عنه، ولا ترغبوا بأنفسكم عن نفسه وعن مكان نصرته كما فعل هو، إذ كسرت رباعيته وجرح، وقتل عمّه حمزة، وأوذى بضروب الأذى، فواساكم مع ذلك بنفسه، فافعلوا أنتم أيضا كذلك، واستنّوا «٢» بسنّته (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)

أى فى الرخاء والبلاء، ثم ذكر المؤمنين بوعود الله تعالى، فقال: (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ)

الآية، قال: ووعد الله إيّاهم قوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) .

قوله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)

قال: قوله: «صدقوا» أى وفوا به.

(فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ)

يعنى فرغ من نذره ووفى بعهده وصبر على الجهاد حتى استشهد. والنحب: النذر، والنحب أيضا: الموت، قال ذو الرمّة:

عشيّة فرّ الحارثيّون بعد ما ... قضى نحبه فى ملتقى القوم هوبر «٣»