للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال:

من أين أبغى شفاء دائى؟ ... وإنما دائى الطّبيب!

فقلت: إذن يفرّج الله عز وجل! فقال:

يا ربّ، فرّج إذا وعجّل، ... فإنّك السامع المجيب!

ثم انصرف.

وحدث عن على بن محمد النوفلىّ عن أبى المختار عن محمد بن قيس العبدىّ، قال:

إنى لبمزدلفة بين النائم واليقظان إذا سمعت بكاء حرقا وغناء عاليا. فاتبعت الصوت فإذا أنا بجارية كأنها الشمس حسنا ومعها عجوز. فلطئت بالأرض لأمتع عينى بحسنها، فسمعتها تقول:

دعوتك يا مولاى سرا وجهرة ... دعاء ضعيف القلب عن محمل الحبّ!

بليت بقاسى القلب لا يعرف الهوى ... وأقتل خلق الله للهائم الصبّ!

فإن كنت لم تقض المودّة بيننا ... فلا تخل من حبّ له أبدا قلبى!

رضيت بهذا ما حييت فإن أمت ... فحسبى معادا في المعاد به حسبى!

قال: وجعلت تردّد هذه الأبيات وتبكى، فقمت إليها وقلت: بنفسى من أنت؟

مع هذا الوجه وهذا الجمال يمتنع عليك من تريدين؟ قالت: نعم! والله إنه يفعل تصبرا وفي قلبه أكثر مما في قلبى! قلت: فإلى كم البكاء؟ قالت: أبدا! أو يصير الدمع دما وتتلف نفسى غما. فقلت: إن هذه آخر ليلة من ليالى الحج، فلو سألت الله تعالى التوبة مما أنت فيه، رجوت أن يذهب حبه من قلبك! قالت: يا هذا، عليك بنفسك في طلب رغبتك، فإنى قد قدّمت رغبتى إلى من ليس يجهل بغيتى! وحوّلت وجهها عنى، وأقبلت على بكائها وشعرها.