يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فخرجوا معهم العوذ «١» المطافيل، قد لبسوا جلود النور، وقد نزلوا بذى طوى، يعاهدون الله ألا ندخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد فى خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلّوا بينى وبين سائر العرب؟ فإن هم أصابونى كان ذلك الذى أرادوا، وإن أظهرنى الله عليهم دخلوا فى الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوّة، فما تظن قريش؟
والله لا أزال أجاهد على الذى بعثنى الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة «٢» » .
قال محمد بن سعد: ودنا خالد بن الوليد فى خيله حتى نظر إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبّاد بن بشر فتقدم فى خيله، فأقام بإزائه وصفّ أصحابه، وحانت صلاة الظهر، فصلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه صلاة الخوف، فلما أمسى صلّى الله عليه وسلّم قال لأصحابه:
تيامنوا فى هذا الموضع العضل «٣» - موضع منعطف فى الوادى- فإن عيون قريش بمرّ الظّهران وبضجنان. فسار حتى دنا من الحديبية، وهى طرف الحرم على تسعة أميال من مكة، فوقفت «٤» يدا راحلته على ثنيّة تهبط على غائط القوم، فبركت.