للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له. فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش، والله لقد وفدت على الملوك؛ وفدت على قيصر فى ملكه، وكسرى فى ملكه، والنجاشىّ فى ملكه، وإنى والله ما رأيت ملكا فى قومه قطّ «١» يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمد محمدا، والله إن تنخّم نخامة إلا وقعت فى كفّ رجل منهم فذلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا عنده خفضوا أصواتهم، وما يحدّون النظر إليه تعظيما له، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشىء أبدا، فروا رأيكم.

وفى رواية قال: وإنه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوها.

قال ابن إسحاق: وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خراش بن أمية الخزاعىّ إلى قريش بمكة، وحمله على بعير يقال له: الثّعلب، ليبلّغ أشرافهم ما قد جاء له، فعقروا الجمل وأرادوا قتل خراش، فمنعته الأحابيش، فخلّوا سبيله. قال:

وبعثت قريش أربعين رجلا منهم أو خمسين، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا، فأخذوا وأتى بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعفا عنهم، وخلّى سبيلهم، وكانوا رموا فى العسكر بالحجارة والنّبل. ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبعثه إلى مكة، فيبلّغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال: يا رسول الله، إنى أخاف قريشا على نفسى، وليس بمكة من بنى عدىّ بن كعب أحد يمنعنى، وقد عرفت قريش عداوتى إيّاها، وغلظتى عليها، ولكنى أدلّك على رجل أعزّ بها منّى، عثمان بن عفان، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعثه إلى أبى سفيان ابن حرب وأشراف قريش، يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنما جاء زائرا لهذا