للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى طلاقها فلا يقدر. فلما أزعجه الوفد طلقها وأسلمها إليهما. فلما رآها الوفد على هذه الصورة العظيمة وما اشتملت عليه من الجمال المفرط، قالوا: لا تصلح هذه إلا لأمير المؤمنين! وكتب ابن الحكم كتابا لأمير المؤمنين معاوية، ودفعه إليهما مع الجارية. فكان مما كتب فيه يقول:

لا تحنثنّ أمير المؤمنين فقد ... أوفى بعهدك في رفق وإحسان.

وما ركبت حراما حين أعجبنى، ... فكيف سمّيت باسم الخائن الزانى؟

أعذر فانك لو أبصرتها لجرت ... منك الأمانى على تمثال إنسان!

وسوف تأتيك شمس ليس يعدلها ... عند البريّة من إنس ومن جان!

حوراء يقصر عنها الوصف إن وصفت، ... أقول ذلك في سرّ وإعلان!

فلما ورد الكتاب على معاوية وقرأه، قال: لقد أحسن في الطاعة، ولكن أطنب فى ذكر الجارية! ولئن كانت أعطيت حسن النّغمة مع هذا الوصف الحسن فهى أكمل البرية! فأمر بإحضارها، فلما مثلت بين يديه، استنطقها فإذا هى أحسن الناس كلاما وأكملهم شكلا ودلالا. فقال: يا أعرابىّ، هذه سعدى! ولكن هل لك عنها من سلوة بأفضل الرغبة؟ قال نعم، إذا فرّقت بين رأسى وجسدى! فقال: أعوّضك عنها يا أعرابىّ ثلاث جوار أبكار ومع كل واحدة ألف دينار وأقسم لك من بيت المال ما يكفيك في كل سنة ويعينك على صحبتهنّ. فشهق شهقة ظن معاوية أنه مات. فقال له: ما بالك يا أعرابىّ؟ قال: أشرّبال وأسوأ حال، استجرت بعدلك من جور ابن الحكم، فعند من أستجير من جورك؟ ثم أنشأ يقول:

لا تجعلنى والأمثال تضرب بى ... كالمستغيث من الرّمضاء بالنار!

اردد سعاد على حيران مكتئب ... يمسى ويصبح في همّ وتذكار!