للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد شفّه قلق ما مثله قلق. ... وأسعر القلب منه أىّ إسعار!

كيف السّلوّ، وقد هام الفؤاد بها ... وأصبح القلب عنها غير صبّار؟

قال: فغضب معاوية غضبا شديدا، ثم قال: يا أعرابىّ، أنت مقرّ بأنك طلقتها! ومروان مقرّ بأنه طلقها، ونحن نخيرها فان اختارتك أعدناها إليك بعقد جديد، وإن اختارت سواك زوّجناه بها. ثم التفت إليها أمير المؤمنين وقال: ما تقولين، يا سعدى؟

أيما أحبّ إليك، أمير المؤمنين في عزه وشرفه وسلطانه وما تصيرين إليه عنده، أو مروان بن الحكم في عسفه وجوره، أو هذا الأعرابى في فقره وسوء حاله؟

فأنشأت تقول:

هذا [١] ، وان كان في فقر وإضرار، ... أعزّ عندى من قومى ومن جارى!

وصاحب التّاج أو مروان عامله ... وكلّ ذى درهم عندى ودينار!

ثم قالت: والله يا أمير المؤمنين، ما أنا بخاذلته لحادثة الزمان ولا لغدزات الأيام! وإن لى معه صحبة لا تنسى ومحبة لا تبلى! والله إنى لأحق من صبر معه في الضراء كما تنعّمت معه في السرّاء! فعجب كلّ من كان حاضرا. فأمر له بها ثم أعادها له بعقد جديد، وأمر لهما بألف دينار. فأخذها وانصرف يقول:

خلّوا عن الطّريق للأعرابى! ... ألم ترقّوا، ويحكم ممّا بى؟

قال: [٢] فضحك معاوية وأمر بها فأدخلت في قصوره حتى انقضت عدّتها من ابن الحكم ثم أمر برفعها إلى الأعرابى.


[١] روى هذا الشعر في نسخة أخرى على وجه آخر وهو:
هذا وإن أصبح في أطمار ... وكان في نقص من اليسار
أكثر عندى من أبى وجارى ... وصاحب الدرهم والدينار
أخشى إذا غدرت حرّ النار
[٢] وجدت هذه الزيادة في بعض النسخ.