واقفا على راحلته عند كراع الغميم «١» ، فلما اجتمع إليه الناس قرأ: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)
فقال عمر: أو فتح هو يا رسول الله؟ قال: «نعم، والذى نفسى بيده إنه لفتح» . وقال الشعبىّ رحمه الله: فتح الحديبية، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، واطعموا نخل خيبر، وبلغ «٢» الهدى محلّه، وظهرت الروم على فارس، وفرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس. وقال مقاتل بن حيّان: يسّرنا لك يسرا بيّنا.
وقال مقاتل بن سليمان: لما نزل قوله تعالى: (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)
فرح بذلك المشركون والمنافقون وقالوا: كيف نتبع رجلا لا يدرى ما يفعل به وبأصحابه، ما أمرنا وأمره إلا واحد؛ فأنزل الله عز وجل بعد ما رجع من الحديبية:
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)
أى قضينا لك قضاء بينا (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ)
فنسخت هذه الآية تلك. قال سفيان الثورى: (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ)
ما عملت فى الجاهلية (وَما تَأَخَّرَ)
كل شىء لم يعمله. وقال عطاء بن أبى مسلم الخراسانى: (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ)
يعنى ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك (وَما تَأَخَّرَ)
ذنوب أمتك بدعوتك. وقال الزيادىّ: أى لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه. (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) *
أى بالنبوة والحكمة (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً
أى ويثبتك عليه، وقيل: يهدى بك، (وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً)
غالبا، وقيل: معزّا.
قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ)
، قال الثعلبىّ: أى الرحمة والطمأنينة. قال ابن عباس رضى الله عنهما:
بعث الله عز وجل نبيّه عليه السلام بشهادة أن لا إله إلا الله، فلما صدّقوه زادهم