للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يعرضوا له بحرب أو يصدّوه عن البيت، وأحرم هو صلّى الله عليه وسلّم بالعمرة وساق معه الهدى، ليعلم الناس أنه لا يريد حربا، فتثاقل عنه كثير من الأعراب وقالوا: نذهب معه إلى قوم قد جاءوه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم؟ فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل، فأنزل الله تعالى: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ)

، الآية. أى إذا انصرفت إليهم فعاتبتهم على التخلف عنك (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا)

ثم كذبهم فى اعتذارهم واستغفارهم، وأخبر عن إسرارهم وإضمارهم، فقال: «يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم» .

قوله تعالى: (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً)

وذلك أنهم قالوا:

إن محمدا وأصحابه أكلة رأس، فلا يرجعون، فأين تذهبون؟ انتظروا ما يكون من أمرهم. (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً)

أى هالكين فاسدين، لا تصلحون لشىء من الخير. قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) .

قوله تعالى: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا)

قال: (الْمُخَلَّفُونَ) *

أى عن الحديبية إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ)

يعنى غنائم خيبر (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ)

أى إلى خيبر، فنشهد معكم قتال أهلها (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ)

معناه يريدون أن يغيّروا وعد الله الذى وعد أهل الحديبية، وذلك أن الله تعالى جعل لهم غنائم خيبر عوضا عن غنائم أهل مكة، إذا «١» انصرفوا عنها عن صلح ولم يصيبوا منها شيئا. وقال ابن زيد: